-اعتماد الأطفال على الآخرين في مرحلة الطفولة .
يعتمد الطفل على غيره لتلبية احتياجاته اليومية سواء والديه أو مربيته أو مربيه إذا كان في دار الأيتام
لإنه لا يستطيع أن يلبيها بنفسه، إلا إن مع الأسف قد يعرض اعتماد الطفل على غيره في تلبية احتياجاته ضررا عميقاً في بناء شخصيته ، وذلك إذا كان من يربيه قد تعرض لسوء المعاملة او اعتداء على عرضه أو معاملة قاسية ممن يربيه عندما كان طفلاً ، فلا يكبر الطفل في داخله ويظل قابعاً في أعماقه يمنعه من النمو الطبيعي السليم ليكون إنساناً سعيداً يتطلع إلى مستقبله بتفاؤل ..وإنما سيكون قد تأثر كثيراً من سوء معاملة من رباه سواء والديه أومن قام بتربيته في منزله أو من قام بالأشراف على تربيته وهو في دار الأيتام فلم يكبر الطفل في داخله ليصبح شخصا ناضجاً وإنما سيكرر ما عانى منه مع من رباه ليطبقه على الطفل الذي يربيه وسيعاني هذا الطفل مثلما عانى هو في طفولته ،وهكذا تتكرر هذه المآسي في هذه الأسر إذا لم يعالج الضحية ويعود إنساناً إيجابيا متفائلاً في حياته .
إن الصحة النفسية للطفل ، تتطلب الاستمرار في معاملته بالحنان والحب والحزم، فإذا لم تلبى للطفل الاحتياجات النفسية في الوقت المناسب فإنه لا يملك المعلومات النفسية والتربوية الضرورية ليواجه مرحلة المراهقة بروح نفسية متفائلة.
ويشرح الدكتور "براد شو "أن الدهشة لدى الطفل والفضول ،واعتماده على غيره في تربيته ،والتفاؤل هي مبادئ هامة لنمو الانسان بشكل سليم، ويعتقد أن الأنسان يظل معتمداً علي من يعيش معه من خلال ما يشعر به من مشاعر الحب والأعجاب والتشجيع من أسرته في كل مراحل حياته ليكون مطمئناً وسعيداً، وعندما يكبر الأنسان في السن يشعر بالسعادة عندما يحتاجه من حوله في أسرته ويتطور هذا الشعور إلى رغبته في خدمة مجتمعه ،فإذا لم يمر بهذه المراحل بشكل طبيعي فأنه لن ينضج وسيظل طفلاً في داخله منعزلاً ،وحيداً
أو يتعلق بشخص آخر كظل له لذلك لا يستطيع أن يكون لديه شخصية مستقلة ، ومطمئنة نفسياً.
- المشاعر عند الأطفال
يتميز الأنسان عن باقي المخلوقات في الكون بإنه قادر على الضحك والبكاء
يقول الدكتور الأنثروبولجي "آشلي مونتيجى"
"من الطبيعي أن يضحك الأطفال ويشعر من حولهم بخفة روحهم أثناء لعبهم أو فيما يبتكرو من خيالهم "
ويقول الدكتور "براد شو" إن الضحك والبكاء بالدموع صفتين خصهما الله بالإنسان فقط عن باقي المخلوقات ، أنني كمعالج نفسي أستطيع أن أعلم أن المريض في طريقه للشفاء عندما أراه يبتسم أو يلقي النكت حول نفسه أو حول الآخرين ،ولا يأخذ الحياة دائماً بجدية.
وكما يقول الدكتور "آشلى مونتيجا"إن الأطفال تبدو على ملامحهم علائم المرح وهم لم يكملوا السنة الأولى من حياتهم، كما أنهم يضحكوا بخفة دم على أبسط الأشياء، سواء كان لشيء شاهدوه أو بسبب قدرتهم على التخيل. كما أن الأطفال لديهم ميل للمرح وهم في سن الثلاثة أشهر، لننظر إلى وجه وعيون الطفل في هذه السن عندما يكون محبوباً ولديه من يعتني به، سنرى السعادة مرسومة على وجهه .
لننظر إلى مجموعة من الأطفال يلعبون سنرى مدى البهجة المرسومة على وجوههم، إلا أن مع الأسف هذه السعادة والحيوية تضمحل وتتحول إلى تعاسة إذا تعرض هؤلاء الأطفال إلى ضرب آبائهم ونعتهم بألفاظ وقحة تقلل من شأنهم وتجرح كبريائهم ، أو يصرخ أب على ابنه إذا ضحك بصوت عال أو يقول له بغضب إذا كان يلعب ،أن يبتعد عنه لإنه يزعجه ،وذلك لإن هؤلاء الآباء تعرضوا لهذه المعاملة القاسية والمعاملة المهينة من آبائهم، حيث كان آبائهم قاسين عليهم، لا يسمحون لهم أن يمرحوا ويحدثوا ضجيجاً طفولياً في البيت .
لقد عانى الدكتور" براد شو "من والده كثيراً ،لذلك كان يجد أن من الصعوبة أن يضحك أو يرقص أو أن يغني مثل بقية الأطفال وحتى عندما أصبح رجلاً كان يشعر بصعوبة الاحساس بتلك المشاعر بسبب تعنت والده ،وكذلك الأطفال الذي يواجهون غضب آبائهم عندما يضحكوا أو يمرحوا إن أمثال هؤلاء الأطفال يكبرون بنفس حزينة
أن الأنسان هو وحده ضمن جميع المخلوقات الذي يضحك إذا كان واعياً، ولا تكون الحياة جميلة إذا اختفى المرح والضحك من الأبناء في بيوتهم ،وسيكونون مثل صرامة آبائهم وضغطهم على أبنائهم بسبب هذه التربية المعقدة الغاضبة .. ولن يكبر الطفل في داخلهم وسوف يسببوا الشقاء لأبنائهم عندما يصبحوا آباء في المستقبل أو مدرسين مع تلامذتهم لإنهم يعانون من عقدهم النفسية مع آباء قاسون ،لا يحترمون شخصياتهم
ويكرهون ضجيجهم وضحكاتهم العالية الطبيعية لأطفال في سن الطفولة ،إ ن أمثال هؤلاء الأطفال يكبرون بنفس حزينة. ويصبح لديهم الضحك والمرح وكأنه ذنب اقترفوه
ويقول الدكتور" براد شو" أن الضحك هو الحزن من غير قناع أي أنهما متلازمين ،البكاء و الضحك لا يمكم أن يكونوا معاً، لكنهما يصدران من نفس الروح إذا كان الأنسان سعيدا يضحك ،وإذا حزيناً يبكي أي أنه يتقلب على الجانبين هو الضحك او البكاء.
والأنسان هو الكائن الوحيد من المخلوقات الذي يبكي بالدموع أما الكائنات الأخرى فهم يبكون من غير دموع
ويؤكد الدكتور " أشلي مونتيجا" إن دموعنا تخدمنا اجتماعياً ونفسياً مثلما تخدمنا ضحكاتنا وكلاهما يجعلنا كأشخاص قريبين من بعضنا البعض، ونفرح أو نواسي بعضنا البعض .
لذلك عندما يضحك الآباء مع أطفالهم ويشاركوهم مرحهم وكذلك من يربيهم في دار الأيتام ،أن هؤلاء الآباء يقربون هؤلاء الأطفال من قلوبهم وتصبح علاقتهم مع من يربيهم مليئة بالعطف والحنان والمرح ، وكذلك دموع الأطفال لمن يرعاهم توضح أنهم يعانون من ضيق أو حزن، وهذا ما يدفع هؤلاء المربين إلى مساعدتهم وتوفير الراحة لنفسياتهم
وقد ثبت علمياً أن الأطفال اللذين لا يسمح لهم آبائهم أن يبكوا يشعروا بالخجل من البكاء يصبحوا محطمين نفسياً، وفي كثير من هذه العائلات يؤدي بكاء الطفل لهؤلاء إلى ظهور الحزن والألم الذي كان يشعروه عندما كان آبائهم لا يسمحوا لها بالتعبير عن مشاعرهم فيصبحوا لا شعوريا نسخة من آبائهم الذين عذبوهم بالصرامة والمعاملة السيئة عندما يبكوا أو يضحكوا وتعود الدورة النفسية التعيسة للآباء الذين تربوا بهذه الطريقة لتزع في نفوس أبنائهم التعاسة والقسوة مثلما فعل معهم آبائهم في طفولتهم